واحنا صغيرين كان بيتحكيلنا قصص الأنبياء والصحابة..بس كان دايماً فيه قصص بنحبها أكثر من غيرها..وأنبياء -غير سيدنا محمد- بنحس أنهم أقرب لقلبنا من غيرهم.. ودي حاجة مالهاش علاقة بالإيمان بيهم.
وأنا صغيرة كنت بحب قصة سيدنا يوسف..كنت بخلي أبي دايماً يحكيهالي..بالنسبة لطفلة هي قصة فيها مغامرة وأحداث كثير زي قصص الأطفال..ويمكن حتى بعد ما كبرت فضلت أحب قصته بشكل خاص..هي عموماً قصة حلوة بغض النظر عن كونها قصة نبي..فيها مواصفات فيلم حلو مثلاً بعيداً عن الوعظ.
سيدنا موسى وإن كانت قصته فيها إثارة وبتحكي عنه من وهو وليد إلا أنها ماكنتش بتمثلي حاجة خاصة..ماكنتش بفضل أسمعها خصوصاً أو دون عن غيرها مثلاً..ولما كنت بعدي عليها في القرآن ماكنتش بستشعر غير آيات "قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي"
وطبعاً معروف السبب :-D .
وحتى مع باقي الأنبياء في القرآن كان يمكن أتأثر بموقف.. بس عمري ما حسيت بقرب خاص لنبي من الأبياء سلام الله عليهم جميعاً..وأعتقد السبب أن احنا بنحس بقرب للي شبهنا.. ال مر بمواقف شبه ال بنمر بيها..عاش حياة شبه حياتنا.
عشان كده ال بيقرأ سيرة سيدنا محمد بيتعرف عليه و بيحبه أكثر وكل ما يتعمق في طريقة حياته وتعامله في المواقف مع أصحابه وأعداء رسالته وأزواجه وأهل بيته ومع الناس عموماً بيحبه أكثر وأكثر.
يمكن عشان باقي الأنبياء مالهمش سيرة تحكي عنهم وعن تفاصيل حياتهم.. فبنقدرهم ونحترمهم عشان هم رسل ربنا وبنشهد أنهم أدوا الرسالة وبناخد مواعظ من قصصهم بس الشعور بالقرب حاجة مختلفة.
مؤخراً بقى حسيت أني أعرف عن سيدنا موسى أكثر وبقيت أحس بقرب أكثر..مع أن نفس الآيات ماتغيرتش بس إحساسي بيها اختلف..مش عارفة عشان الواحد بيكبر ونظرته للأشياء بتتغير ولا دي حاجة من ربنا.
"كليم الله"
ربنا لما كلم سيدنا موسى كلمه بدون واسطة بينهم " وكلم الله موسى تكليما" من ربنا لسيدنا موسى على طول ..ودي خاصية تفضيل "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ".
المعلومة دي بتتردد كثير..
بس الملفت للمتأمل في حال سيدنا موسى قبل الرسالة وقبل ما ربنا يكلمه أنه كان بيحب يدعي ربنا ويناجيه في كل وقت وحال..وكأنه مستشعر صحبة ومعية ربنا طول الوقت.
وده واضح في سورة القصص مع تسلسل الأحداث:
*حادثة المدينة وقتل الرجل بالخطأ :
"وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ۖ قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ"
ساعتها اول حاجة فكر فيها أنه يستغفر ربنا "قال رب أني ظلمت نفسي فاغفر لي"
وبعدها "قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ".
*خروجه من مصر:
"فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ".
*وهو رايح مدين.. مكان بعيد عن حكم فرعون:
"وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ".
*بعد وصوله مدين وموقف السُقيا للبنتين:
"فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ".
*اتفاقه مع سيدنا شعيب على استأجاره وزواجه من بنته:
"قَالَ ذَٰلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ۖ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ ۖ وَاللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ".
كل ده كان قبل ما ربنا يكلمه..
وحتى بعد ما ربنا كلمه..
في بعض التفسيرات لرد سيدنا موسى على ربنا لما سأله
"وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ"؟
"قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ"
بعض المفسرين بيقولوا أنه أطال الإجابة وما ردش على قد السؤال وبس عشان هو كان فرحان أنه بيكلم ربنا وماكنش عايز الكلام يخلص :)
هارون أخي
الواحد مش بيحس بقيمة الأخ والأخت الحقيقية طول ما هم موجودين طول الوقت.. ما بنعرفش مدى احتياجنا ليهم ولجودهم جنبنا وفي ظهرنا غير لما بيكونوا بعيد.. ولما بنمر بمواقف صعبة نحتاج ظهرهن في ظهرنا ..أو لما بنلاقي نفسنا فجأة لوحدنا في الحياة ونكتشف أن مهما الناس بعدت ما بيباقش للواحد غير اخواته.
آخر سنة أو سنتين فهمت كده كويس وفهمت يعني إيه الاخوات عزوة وعشان كده لقيتني بشوف علاقة سيدنا موسى بسيدنا هارون ببعد جديد.
كل نبي من أنبياء ربنا له شخصية متفردة.. مفيش شخصية شبه الثانية.
سيدنا موسى الوحيد ال طلب من ربنا يرسل حد معاه يساعده..
وال حصل أن ربنا أجاب دعوته وما قالهوش أنت تقدر تروح لوحدك وأنا هعينك..وده مش ضعف من سيدنا موسى ولو ربنا علم ضعف في سيدنا موسى أعتقد ماكنش أختاره للرسالة. بس زي ما قلت مفيش نبي شبه التاني والشخصيات عموماً بتختلف.
ولو كان السبب الوحيد أن سيدنا هارون أفصح لساناً من سيدنا موسى ..طيب ما سيدنا موسى دعى ربنا يشرح صدره وييسر أمره ويحلل عقدة لسانه عشان يعرف يوصل رسالة ربنا كما ينبغي لفرعون وقومه..وإجابة الدعوة دي لوحدها كانت كفيلة بحل مشكلة فصاحة اللسان..
بس سيدنا موسى قال في أسبابه "هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي"
مين فينا ما بيحتاجش حد يقويه ويشد من أزره ويبقى في ظهره في المواقف الصعبة أو حتى العادية ؟ حد يشركه في أمره ويساعده ويفكر معاه؟ ده الواحد فينا حتى لما بيبقى رايح للدكتور بيبقى خايف و عايز حد يروح معاه حتى لو على سبيل الونس. فما بالك بحمل رسالة وتبليغ؟
وربنا لما رد على سيدنا موسى ما قالهوش روح لوحدك هتقدر
ربنا قاله "قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ"
وقاله "سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ".
في وقت ما قرأت آية سنشد عضدك بأخيك كأني باكتشفها ..شفت فيها كل ال محتجاه في لحظتها.
وحسيت في الجزء ده برده بحب من ربنا لسيدنا موسى فقاله طلبك مجاب.. وبرده بحب ربنا لعيلة سيدنا موسى بدليل أنهم كلهم تقريباً ذُكروا في القرآن..وفي قصة سيدنا موسى كلها حسيت بوجود العيلة وأهميتها..أمه وأخته وآسيا ال ربته وأخوه وزوجته وحماه وحتى أخت زوجته تم الإشارة ليها بطريقة غير مباشرة :)
ولو ماكنتش العيلة مهمة بالنسباله ماكنش هيرجعلهم بعد سنين بعد ما يوفي بوعده والعقد ال بينه وبين سيدنا شعيب.
مش عارفة يمكن حسيت كده عشان كنت بقرأ الآيات تحت مشاعر افتقاد العيلة.
وألقيت عليك محبة مني
في تفسير الآية يقال أن كل ال كان بيشوف سيدنا موسى كان بيحبه ويدخل قلبه..
فغالباً زوجة سيدنا موسى حبته من أول نظرة لما شافته عند مورد ماء مدين :)
نساء في حياة موسى
في قصة سيدنا موسى حسيت بحضور قوي للستات ودي حاجة لفت نظري ليها برنامج "كمل النساء" رمضان ال فات.
*أولهن: أم سيدنا موسى ال ربنا أوحالها بأنها تنقذ ابنها من الموت بأنها تحط ابنها في تابوت و ترميه في المياه..هي ست مؤمنة وإيمنها بربنا كان أقوى من خوفها على ابنها وده كان تثبيت من ربنا.
*ثانيهن: اخته ال مشيت وراه في السر تراقب لحد ما لاقته وراحت لبيت فرعون وقالتلهم أن هي تعرف ناس يكفلوه.
كل ال هي عملته يتطلب شجاعة كبيرة لأنها كان ممكن تخاف تتكشف وهي بتراقبه أو لما دخلت جحر الأسد بنفسها وقالت أنا عندي حل لمشكلتكم..كان ثمن أنها تتكشف في وقت فيه ظلم حاكم زي فرعون رقبتها أكيد.. وأكيد ماكنتش هتبقى موتة عادية.. بس هي كانت شجاعة والنتيجة أنها كانت سبب في رجوع أخوها لحضن أمه.
*ثالثهن: السيدة آسيا ال حبت سيدنا موسى أول ما شافته وال اقنعت فرعون بأنهم يخلوا سيدنا موسى عايش ويتربى في بيتهم ودي كانت حاجة مش سهلة مع شخصية زي شخصية فرعون..طبعاً ربنا ال بيسبب الأسباب أولاً و أخيراً.
*رابعهن: زوجة سيدنا موسى ال كانت إجابة دعوته "َ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ".
ربنا ساقها في طريقه عشان تبقى أهله في بلد غريب ما يعرفش فيه حد..هي ال لما شافته قالت لأبوها " يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ" وده دليل أن كان عندها بصيرة وقدرت تحكم على شخصيته من مواقف مش كثير..
ويمكن أبوها قرأ في عينيها إعجابها فاستأجره وزوجهم..يعني ربنا أبدل سيدنا موسى بشغل وأهل في بلد جديد لسه واصله وهي كانت سبب في ده.
التفاصيل بتفرق..والتفاصيل الصغيرة لما بتتجمع ال بتعمل قصص كبيرة جوانا وإن ما ظهرتش للناس..التناتيف الصغيرة المحشورة في زوايا القصص بتفرق كثير والله.
زمان ماكنتش بشوف في قصة سيدنا موسى غير بني إسرائيل و مواجهة فرعون والسحرة وانشقاق البحر وغرق فرعون.
يمكن دي الأحداث الكبيرة والخطوط العريضة المهمة في القصة
بس التفاصيل والمشاعر ال وصلتني منها خلتني أشوف سيدنا موسى بطريقة مختلفة..خلتني أحبه على كبر :)
"وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِين"
